Connectez-vous S'inscrire
Menu
www.centrerecherche.com
Siège : N'Djamena, Tchad
E-mail : yacoubahmat@aol.com
Ensemble contre les conflits et pour la paix

الفاشر: تصدع إقليمي وإعادة تشكيل السلطة في تشاد

Samedi 1 Novembre 2025

قد صدرت تصريحات من قادة في قوات الدعم السريع تشير صراحة إلى نيتهم التوجه نحو تشاد للاستيلاء على السلطة، مؤكدين أن الوقت قد حان لتولي المكونات العربية التشادية وحلفائهم من القرعان زمام الحكم بدعم من أقاربهم في السودان ودول أخرى في المنطقة. وقد بدأ تداول بيان FSR/T على الشبكات منذ أيام.


 

1. ارتدادات الفاشر على نجامينا

إن سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، الواقعة شمال دارفور قرب الحدود الغربية للسودان مع تشاد، تمثل تحولًا جيوسياسيًا بالغ الأهمية. فالفاشر لم تكن فقط آخر مدينة كبيرة في دارفور تحت سيطرة الجيش السوداني، بل كانت أيضًا آخر معقل رمزي لقبيلة الزغاوة التي تتوزع بين البلدين. وقد أحدث سقوطها صدمة في نجامينا، مهددًا استقرار المناطق الحدودية، وأعاد إحياء المخاوف من تداعيات أمنية عبر الحدود الشرقية، التي طالما استُخدمت كرافعة لتغيير النظام في تشاد. فهل يُجبر هذا التحول النظام التشادي على التخلي عن استراتيجيته الانتهازية تجاه الصراع السوداني والبحث عن حل أمني مباشر مع الجيش السوداني؟

2. انقسام قبيلة الزغاوة وتصاعد نفوذ المنافسين

تُفاقم الروابط القبلية المعقدة بين البلدين، وانخراط مواطنين تشاديين في الصراع السوداني، من المخاطر التي تهدد النظام. فالولاءات منقسمة: فمكونات من قبيلة القرعان والعرب تقاتل إلى جانب قوات الدعم السريع، بينما يدعم الزغاوة التشاديون الجيش السوداني. هذا الانقسام الداخلي يُضعف الرئيس محمد إدريس ديبي إتنو، الذي ينتمي إلى الزغاوة من جهة الأب وإلى القرعان من جهة الأم.

ويتهمه بعض أبناء الزغاوة بالسعي إلى تقويض نفوذهم التاريخي في الفاشر، مدفوعًا برغبة في القطيعة مع إرث والده الذي اعتمد على الحركات المسلحة الزغاوية العابرة للحدود. ويُعزز هذا الاتهام تقريبه للقرعان، كما يظهر في وجود عناصر منهم في صفوف قوات الدعم السريع، إلى جانب شبهات بتقديم مساعدات عسكرية من الإمارات تحت غطاء إنساني.

وقد صدرت تصريحات من قادة في قوات الدعم السريع تشير صراحة إلى نيتهم التوجه نحو تشاد للاستيلاء على السلطة، مؤكدين أن الوقت قد حان لتولي المكونات العربية التشادية وحلفائهم من القرعان زمام الحكم بدعم من أقاربهم في السودان ودول أخرى في المنطقة. وقد بدأ تداول بيان FSR/T على الشبكات منذ أيام.

3. حدود على وشك الانفجار

لم تعد قوات الدعم السريع مجرد طرف تكتيكي، بل أصبحت القوة العسكرية الأكثر نفوذًا على طول الحدود الشرقية لتشاد، وتمتلك أوراق ضغط مستقلة ضد نجامينا، مما يشكل تهديدًا وجوديًا.

ويُظهر التاريخ أن كل صراع في دارفور كانت له ارتدادات في نجامينا. السيناريو الحالي ينذر بالخطر: تحالفات قبلية متغيرة، وازدهار التهريب، ومؤشرات على تورط شخصيات زغاوية نافذة مقربة من القرعان. وتشير تقارير إلى انضمام جنود زغاوة تشاديين إلى أقاربهم "توروبورو" في صفوف الجيش السوداني، مما يجعل الحدود قابلة للاشتعال.

وقد يؤدي سقوط الفاشر إلى نشوء نموذج حكم فعلي أو كيان شبه مستقل في دارفور تحت سيطرة المكونات العربية المسلحة، مما يزيد من خطر انتقال الصراع إلى الأراضي التشادية، خاصة في المناطق الحدودية التي تستضيف أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوداني من قبائل معادية تاريخيًا لقوات الدعم السريع، مثل الزغاوة والمساليت.

4. كل عناصر التمرد التشادي متوفرة

انسحاب "توروبورو" نحو شرق وشمال شرق تشاد قد يؤدي إلى اشتباكات داخلية مع الحواضن الاجتماعية لقوات الدعم السريع أو مع الجيش التشادي. كما أن سقوط الفاشر قد يدفع الجيش السوداني إلى تفعيل ورقة المعارضة التشادية المسلحة، وقد يعزز المرتزقة العائدون الجريمة المنظمة والاتجار بالأسلحة داخل تشاد.

ويُذكر أن الجنرال أحمد موفاضل، مدير المخابرات العامة السودانية، يُعد من أبرز الاستراتيجيين في الملف التشادي، وهو من خطط لهجوم المتمردين على نجامينا في فبراير 2008.

ورغم التحركات العسكرية التشادية على الحدود، إلا أن هذه التحركات تبقى هشة، في ظل إنهاك القوات وضعف تجهيزاتها، وتفكك سلاسل القيادة. ويبدو أن تأمين الحدود أقرب إلى رد فعل للبقاء منه إلى استراتيجية متماسكة.

5. مؤتمر للمعارضة في فرنسا: محفز لاستئناف العمل المسلح

يتزامن هذا التحول الاستراتيجي في السودان، خاصة في الفاشر، مع تعبئة متزايدة للمعارضة المسلحة التشادية في الخارج، مما يثير تساؤلات حول تنسيق محتمل في التوقيت. سقوط الفاشر يهدد استقرار تشاد، وقد يُضعف نفوذ القبيلة الحاكمة، مما يوفر أرضية خصبة لاستئناف النشاط المسلح.

وفي هذا السياق، عادت حركة "فاكت" (جبهة التناوب والتوافق في تشاد) إلى الواجهة، حيث نجحت في توحيد القوى السياسية والمسلحة المعارضة خلال اجتماع كبير في مدينة نانت الفرنسية يوم 26 أكتوبر 2025. وقد أكد المشاركون عزمهم على تصعيد "النضال لإنقاذ الوطن" مما وصفوه بـ"الديكتاتورية الشمولية".

وقد تُعيد هذه الديناميكية تشكيل التوازنات السياسية والعسكرية والإعلامية، خاصة إذا نجحت جميع مكونات المعارضة، بما فيها حركة H23 الشبابية، في التوحد. وتتميز H23 بنشاطها المكثف ومطالبها بالعدالة والتنمية الشاملة في تشاد.

6. استراتيجية البقاء: تكلفة التكيف وورقة المعارضة

أمام هذه التهديدات الوجودية، يجب على نظام الرئيس ديبي التخلي عن استراتيجية "الاستثمار في الفوضى"، والانتقال إلى نهج "احتواء المخاطر وتحصين الحكم".

من مصلحة الحكومة التشادية وقف أي تورط لوجستي في الصراع السوداني لتجنب ردود الفعل الانتقامية، والسعي إلى مصالحة سريعة مع الجيش السوداني لتحييد ورقة المعارضة التشادية.

ويتطلب ذلك الدخول في مفاوضات عاجلة حول صفقة سياسية تشمل تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي، مقابل ضمانات بوقف دعم المعارضة المسلحة.

والثمن السياسي الذي سيدفعه الرئيس ديبي هو التخلي عن طموحاته الإقليمية، والقبول بتسوية تضمن بقاء نظامه في ظل سودان منقسم لكنه مؤثر. وقد يفتح له هذا التوجه البراغماتي بابًا نحو لعب دور الوسيط بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، مما يعزز شرعيته الدبلوماسية.

7. نجامينا عند مفترق طرق في منطقة مضطربة

إن سقوط الفاشر ليس مجرد حدث عسكري، بل هو زلزال جيوسياسي له تداعيات عميقة على أمن واستقرار تشاد. ومع صعود قوات الدعم السريع، وتفاقم الانقسامات القبلية الداخلية، وتصاعد المعارضة المسلحة، تواجه تشاد تحديات وجودية.

ويُعد نظام الرئيس ديبي، الذي يُصنف من بين الأنظمة الأكثر فسادًا في أفريقيا، والمتهم باختلاس أكثر من 27 ألف مليار فرنك إفريقي (حوالي 45 مليار دولار) خلال ثلاث سنوات، ضعيفًا بفعل الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية.

وفي هذا السياق، لم يعد الرهان على الفوضى السودانية خيارًا قابلًا للاستمرار. إن مستقبل النظام التشادي، بل واستقرار المنطقة بأكملها، سيتوقف على قدرة نجامينا على قراءة هذا المشهد الجديد بوضوح، واتخاذ قرارات جريئة توازن بين الأمن الوطني والمصالح الاقتصادية الحيوية، قبل أن تبتلعها دوامة الصراع المتسارع.