١. هل يمكن اعتبار الفظائع التي ارتكبها بعض مقاتلي قوات الدعم السريع إبادة جماعية أو جرائم حرب؟ ومن يمكن أن يُحمّل المسؤولية أمام المحكمة الجنائية الدولية؟
الدكتور أحمد يعقوب دابيو: شكرًا على طلب رأيي بشأن الوضع في السودان. لست خبيرًا قانونيًا، لكن الصور المتداولة لا تُحتمل من شدة العنف. بعد أقل من ٢٤ ساعة من سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر إعدامات ميدانية لأسرى مدنيين وعسكريين. ما يزيد الأمر صدمة هو أن مرتكبي هذه الأفعال يصورون أنفسهم وهم يبتسمون، مستعرضين وحشيتهم دون أدنى خجل. هؤلاء الأشخاص معروفون بالاسم، ولا أشك في أن اليوم سيأتي حيث يُلقى القبض عليهم ويُقدَّمون للعدالة. هم في الغالب نفس الأفراد الذين يواصلون ارتكاب هذه الفظائع منذ شهور دون أي ندم.
٢. ما الدور الذي ينبغي أن تلعبه المنظمات الدولية؟ خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، أدانت العديد من منظمات حقوق الإنسان، إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، هذه الجرائم بشدة. ومن اللافت أن بعض قادة قوات الدعم السريع خرجوا عن صمتهم لأول مرة للتبرؤ علنًا من مرتكبي هذه الأفعال الشنيعة. مساء الأربعاء، أعرب القائد حميدتي شخصيًا عن أسفه لهذه الفظائع، متعهدًا بفتح تحقيق. إنه مؤشر مهم يدل على أن حتى داخل قوات الدعم السريع، تم تجاوز خط أحمر. أمام مثل هذه الانتهاكات، لا مجال للغموض. يجب على المنظمات الدولية أن تتجاوز التصريحات، وأن توثق الحقائق، وتدعم التحقيقات المستقلة، وتمارس الضغط لضمان تقديم المسؤولين إلى المحكمة الجنائية الدولية. فالصمت أو التقاعس لا يؤدي إلا إلى تشجيع الإفلات من العقاب.
٣. لماذا أصبحت مدينة الفاشر ذات أهمية استراتيجية في هذا الصراع؟
الدكتور أحمد يعقوب دابيو: تُعد مدينة الفاشر عاصمة الولايات الخمس في دارفور، وقد أصبحت أربع منها بالفعل تحت سيطرة قوات الدعم السريع وحكومة تاسيس. السيطرة على الفاشر تعني استكمال السيطرة الإقليمية على المنطقة بأكملها. أما بالنسبة للقوات المشتركة، فالفاشر تمثل معقلًا اجتماعيًا وسياسيًا رئيسيًا، ومركزًا تاريخيًا للتأثير والتعبئة والمقاومة. فقدان هذه المدينة يعني التخلي عن ركيزة من ركائز الشرعية والارتباط المحلي. أما بالنسبة للحكومة المركزية، فإن سقوط الفاشر لا يُعد مجرد هزيمة عسكرية، بل خسارة رمزية وتشغيلية لكامل إقليم دارفور، مما سيقوض بشكل كبير قدرتها على الحفاظ على الوحدة الوطنية وبسط سلطتها في غرب البلاد.
٤. كيف فاقم القتال حول الفاشر الوضع الإنساني؟
الدكتور أحمد يعقوب دابيو: الوضع الإنساني في الفاشر مأساوي للغاية. منذ ما يقرب من عامين، تشهد المدينة مواجهات عنيفة وجرائم متكررة وحصارًا خانقًا يزداد سوءًا. يعيش المدنيون في ظروف إنسانية بالغة الخطورة، حيث تقلصت فرص الحصول على الغذاء والرعاية الصحية والمياه بشكل حاد. حتى الموارد المحلية البسيطة — مثل التبن الذي كان يُستهلك كملاذ أخير — بدأت تنفد. هذا الحصار المطول حوّل الفاشر إلى سجن مفتوح، حيث أصبحت النجاة معركة يومية. الشهادات والصور التي تخرج من المدينة تعكس معاناة عميقة وحالة طوارئ قصوى. من الضروري أن تكثف المنظمات الدولية جهودها، لا للاستنكار فقط، بل للتحرك الفعلي: إيصال المساعدات الإنسانية، تأمين ممرات آمنة، وتوثيق الانتهاكات لضمان تحقيق العدالة.
٥. رغم خطورة الوضع، لا تزال هناك محاولات للوساطة. هل تعتقدون أن هناك آفاقًا حقيقية لوقف إطلاق النار أو للحوار، أم أن الحرب تتجه نحو الاستنزاف؟
الدكتور أحمد يعقوب دابيو: من المهم التذكير بأن هذا التصعيد يحدث في وقت يبذل فيه الرباعي الوسيط جهودًا للتوصل إلى هدنة لمدة ثلاثة أشهر. لكن للأسف، يبدو أن الجيش يرفض هذه المبادرة لسببين رئيسيين: أولًا، وجود دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن الرباعي، وهي متهمة من قبل السودان بدعم قوات الدعم السريع عسكريًا. ثانيًا، أن السلطات في الخرطوم تفضل نهجًا عسكريًا بحتًا. في الواقع، هذا الصراع لن ينتهي بانتصار حاسم أو هزيمة مطلقة. حتى لو سيطرت إحدى الأطراف على جميع المدن السودانية، فلن يعني ذلك نهاية الأزمة. هذا الرأي تتبناه معظم المنظمات الدولية، بما في ذلك مركزنا. الحل الوحيد القابل للتطبيق هو تسوية سياسية تفاوضية بين الطرفين. أي مسار آخر لن يؤدي إلا إلى إطالة المعاناة، وتعميق الانقسام الوطني، وتهديد الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.
٦. برأيكم، ما الذي يجب أن تفعله الأسرة الدولية لوضع حد للعنف وضمان حماية حقيقية للمدنيين في السودان؟
الدكتور أحمد يعقوب دابيو: منذ منتصف يونيو ٢٠٢٣، أي بعد شهرين من اندلاع النزاع، قدمنا خطة سلام إلى الأطراف المتحاربة، والاتحاد الأفريقي، وشركائنا الدوليين. ونؤكد اليوم على ضرورة اتخاذ الخطوات التالية بشكل عاجل:
١. توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، وبدعم من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، يتضمن ما يلي:
- الوقف الفوري للأعمال العدائية؛
- الإفراج عن الأسرى من كلا الجانبين؛
- تشكيل وإرسال قوة فصل مشتركة لتطبيق وقف إطلاق النار؛
- انسحاب جميع القوات المتصارعة من المدن والمناطق التي تمثل خطوط النزاع؛
- إسناد مهمة حفظ الأمن العام إلى قوات الشرطة، مع الالتزام بمبادئ الحياد وحماية المدنيين؛
٣. تشكيل حكومة مدنية انتقالية مستقلة لا ينتمي أعضاؤها لأي حزب سياسي أو طرف من أطراف النزاع، وتشمل: أ. لجنة مشتركة لإعادة دمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني؛ ب. لجنة مشتركة معنية بنزع السلاح؛
٤. إنشاء آلية مشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاق، تحت إشراف الاتحاد الأفريقي، وتضم الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، والطرفين المتنازعين، والمجتمع المدني السوداني، وتكون مكلفة بمرافقة الحكومة المدنية خلال المرحلة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات وتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة.
مقابلة مع الدكتور أحمد يعقوب دابيو أجرتها كل من:
راديو دجا إف إم – حرية تشاد، راديو الجزائر الدولية، ساحل 7، ألوحدة إنفو
راديو دجا إف إم – حرية تشاد، راديو الجزائر الدولية، ساحل 7، ألوحدة إنفو


